كان اسمه "نادر" وكان عمره حوالي 10 سنوات. كان نشيطاً جداً وذكياً جداً، وعلى فمه ضحكة الصبيان الأشقياء. كله على بعضه ولد ظريف!! ولكنه كانت له عادة سيئة برغم صغر سنه وهي أنه كان عندما يعمل أي شيء يقدّر ثمنه. كل شيء له ثمن أو مقابل عنده. تعلم أن لا يعمل شيئاً بلا ثمن، فكان في نظر والده حالة مرضية لأن الأب تاجر أما الأم بحسها الأمومي والروحي كانت تجد في هذه العادة دمار له، وصممت أن تنتهز أول فرصة يظهر فيها الصبي هذا النوع من التصرف لكي تعطيه درساً روحياً لإبطالها!!
وحدث في صباح ما أن الصبي نادر وقتما جلس على مائدة الفطور وضع قطعة ورق نظيفة بعناية تحت طبق أمه. ولما جاءت الأم ورأت الورقة أخذتها وفتحتها وقرأت فيها ما يأتي:
[فاتورة بحساب المطلوب لنادر من ماما]
5 جنيهات مشاوير لأجل ماما.
15 جنيه ثمن هدوء نادر وطيبته.
20 جنيه أجرة نادر لأنه ارتضى أن يتعلم الموسيقى.
10 جنيه نثريات
_______
50 جنيها جملة المطلوب من ماما.
تبسمت أم نادر وطبقتها ولم تنطق بكلمة، انتهزت الأم هذه الفرصة الجميلة التي كانت تنتظرها بفارغ الصبر، حتى حان وقت الغذاء فوجد نادر على طبق طعامه الفاتورة التي تركها لوالدته في الصباح ومُرفق معها المبلغ المطلوب. رقصت عيناه طرباً إذ رأى المال وظن أن كفاءته في العمل قد بدأت تثمر. ولكنه وجد تحت الطبق فاتورة أخرى وقرأها فإذا هي كما يأتي:
[فاتورة بحساب المطلوب لماما من نادر أبنها]
لا شيء ثمن طيبة ماما مع نادر وغفرانها له عندما كسر درج مكتبه قصداً لفقدانه مفاتيح مكتبه.
لا شيء أجرة تمريض نادر طول مدة مرضه بالحمى القرمزية.
لا شيء ثمن ملابس وأحذية وأقراص سي دي لجهاز الكمبيوتر... إلخ.
لا شيء ثمن طعامه الدائم وتنظيف حجرته.
لا شيء جملة المطلوب من الإبن الغالي نادر.
ولما قرأ نادر الإبن الفاتورة قام والدموع تملأ عينيه وأخذ وجه أمه وقبله وهو يرجوها أن تأخذ النقود التي أعطتها له ويلتمس أن تجعله يحبها ويقدم كل الخدمات لها من دون أجر!!
نفس الأسلوب نحن نتعامل مع الرب فنحن نقيّم العمل الذي نقوم به من أجله، وفي نفس الوقت يتعامل الله معنا بدون مقابل، بل علي حساب دم ابنه الحبيب المسفوك على الصليب. وقد لفت نظري قائمة [لستة] في كتاب قديم لا أعرف اسم كاتبه وعنوانه الحرفي "ما تقوله تحصل عليه" وقد تأتي الترجمة "ما تطلبه تناله" أكثر تلائماً للغتنا العربية، وعموماً اسم الكتاب باللغة الإنجليزية "What You say What You Get " وتحتوي هذه القائمة على وعود الله لنا لو اعترفنا بعمله الكفاري من خلال الابن يسوع المسيح. وهذه الوعود الموجودة في قائمة "الفاتورة" مجانية وهي لا تطالبك بشيء مقابل الحصول عليها.. بل هي عبارة عن قائمة تأكيدات من رب المجد بدون مقابل أي "لا شيء" كما فعلت والدة نادر في قائمتها:-
** أستطيع:
أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني. رسالة فيلبي 4: 13.
** غير محتاج:
فيملأ إلهي كل احتياجكم بحسب غناه في المجد في المسيح يسوع. رسالة فيلبي 4: 19.
** لا أفشل:
لأن الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح. الرسالة الثانية إلي تيموثاوس 1: 7.
** لا أخاف:
الرب نوري وخلاصي ممن أخاف. الرب حصن حياتي ممن ارتعب. مزمور 27: 1
** السلطان على الأرواح الشريرة:
أنتم من الله أيها الأولاد وقد غلبتموهم لأن الذي فيكم أعظم من الذي في العالم. يوحنا الأولي 4: 4
** أعطاني الغلبة والنصرة:
شكراً لله الذي يقودنا في موكب نصرته في المسيح كل حين، ويظهر بنا رائحة معرفته في كل مكان. كورنثوس الثانية 2: 14.
** بررني بالإيمان:
وبهذا يتبرر كل من يؤمن من كل ما لم تقدروا أن تتبروا منه بناموس موسى. أعمال 13: 39.
** وهبني الغفران:
له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا. أعمال 10: 43.
** فداني:
الذي فيه لنا الفداء بدمه غفران الخطايا حسب غنى نعمته. أفسس 1: 7
** حررني:
وأما الرب فهو الروح وحيث روح الرب هناك حرية. كورنثوس الثانية 3: 17.
** أعطاني الولادة الثانية:
كل من هو مولود من الله لا يفعل خطية لأن زرعه يثبت فيه ولا يستطيع أن يخطئ لأنه مولود من الله. يوحنا الأولي 3: 9.
** لا أُُدان:
إذاً لا شيء من الدينونة الآن علي الذين هم في المسيح يسوع السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح. رومية 8: 1.
** الخلاص:
لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم، هو عطية الله. أفسس 2: 8.
** الشفاء:
وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا، تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا. أشعياء 53: 5.
** الحب:
هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية. يوحنا 3: 16.
يا ترى ما هو تقييم هذه الأعمال العظيمة التي وهبها الله لنا من غير مقابل. لأننا مهما عملنا من أجله ليس كافياً، كل ما نستطيع عمله هو أن نرفع أصواتنا تسبيحاً للرب قائلين:
بالتقى وبالخشوع... في اتضاع وخضوع
وبقلب لا يروع... أعبدُ الرب يسوع